قرار المحكمة الدستورية الطعن في دستورية المادة 15 من قانون استقلال القضاء رقم 2018/2
1. أوجب المشرع الدستوري، أوجب بمقتضى
الفقرة (2) من المادة (98) من الدستور، أن ينشا بقانون، مجلس قضائي يعهد اليه بتولي
جميع الشؤون المتعلقة بالقضاة النظاميين، وصدوعا بهذا الوجوب جرى تنظيم الوسائل
والآليات القانونية التي بالاستناد اليها يمارس هذا المرجع الدستوري (المجلس
القضائي) صلاحياته واختصاصاته، ومنها الواردة في المادة (15) من قانون استقلال
القضاء النافذ، المطعون بعدم دستوريتها. وحيث أن الفقرة (أ) من المادة (15) من
المادة المشار اليها، أولت للمجلس القضائي، صلاحية إحالة القاضي على التقاعد لدى
إكماله، المدة المبحوث عنها بقانون التقاعد المدني النافذ. والمشار إليها بالفقرة
(ب) من المادة (15) منه، والتي تعطي للقاضي المعرف بقانون استقلال القضاء، وللقاضي
الشرعي الذي بلغت مدة خدمته المقبولة للتقاعد خمسا وعشرين سنة، الحق في ان يتقاعد
بناء على رغبته، أما إذا كان قرار الإحالة من المجلس، فقد أوجب المشرع بمقتضى هذا
النص ان يقوم على ركنين من الضوابط، وضمانات العدالة، وهما تنسيب الرئيس المستند
لتوصية لجنة من أقدم خمسة قضاة لدى محكمة التمييز من غير أعضاء المجلس، الأمر الذي
يجب النعي، بعدم دستورية هذا النص. ولما كانت الفقرة (ج) من المادة (15) من قانون
استقلال القضاء النافذ، أعطت بجزء منها، الحق للمجلس أن يقرر إحالة أي قاض أمضى مدة
خدمة حدها الأدنى لا يقل عن عشرين سنة، الى التقاعد، والى الاستيداع اذا امضى مدة
خدمة لا يقل حدها الادنى عن خمس عشرة سنة، واشترطت أن يكون قرار الإحالة في هاتين
الحالتين مؤسسا على تنسيب من رئيس المجلس، المستند الى توصية اللجنة، المؤلفة من
خمسة قضاة من قضاة محكمة التمييز من غير اعضاء المجلس ، وهي ذات الضوابط والضمانات
المبينة بالفقرة (أ) المشار اليها باعلاه ، مما يجعل ما أثاره الطاعن من عدم
دستورية، هذا القدر من منطوق الفقرة (ج) غير وارد. ولما كان الجزء الأخير من نفس
الفقرة (ج)، المتعلق بإعطاء المجلس القضائي، الحق بإنهاء خدمة اي قاض، بالرغم من
عدم استكماله مدة الخدمة اللازمة لإحالته على الاستيداع أو التقاعد، ونصه (أو انهاء
خدمته اذا لم يكن مستكملا مدة الخدمة اللازمة لاحالته على الاستيداع او التقاعد،
فإنه مشوب بعدم الدستورية، لما يلي: 1. إن إنهاء خدمة القاضي، دون حصوله على
التقاعد أو الاستيداع يتعين قيامه على أمر يبرره، ويستوجب تمكينه من ممارسة حق
الدفاع عن نفسه. 2. إنه يؤثر على جوهر حق القاضي وحريته في اداء واجبات الوظيفة
القضائية، بالمعنى المقصود بالفقرة (1) من المادة ( 128) من الدستور. 3. إنه ينطوي
على عقوبة مقنعة ولا يأتلف مع النهج الذي اعتمده المشرع في المواد (16، 25، 36، 37)
من قانون استقلال القضاء في الحالات التي يسلك فيها القاضي بفعل أو امتناع سلوكا
ينال من رفعة الوظيفة القضائية، وهو نهج المساءلة التأديبية. وحيث أن الفقرة (د) من
المادة (15) المشار اليها، تجيز للمجلس القضائي، بناء على تنسيب رئيسه، أن ينهي
خدمة أي قاض، لم يستكمل مدة التقاعد أو الاستيداع، لعدم الكفاءة المستمدة من
التقرير السنوي الذي يصدر عن مفتشي المحاكم بتقدير (أقل من جيد)، لمدة سنتين
متتاليتين، فإن المسلمات الراسخة أن صفة الكفاءة لدى القاضي، تؤهله النهوض بمهام
الفصل في الخصومات المعروضة عليه وانجازها، فاذا تخلفت هذه الركيزة الأساسية، جاز
للمجلس بتنسيب من رئيسه، إنهاء خدمة القاضي، ولو لم يكن مستكملا مدة التقاعد أو
الاستيداع، الامر الذي ينهدم معه الطعن بعدم دستورية الفقرة (د) الانف ذكرها، لعدم
مخالفة الحكم الوارد فيها لأحكام المواد (97 ، 98/1 ، 128/1) من الدستور، كما ذهبت
لذلك الجهة الطاعنة. وحيث أن الفقرتين (ب ، هـ) من المادة (15) المطعون بعدم
دستوريتها، تتعلقان بأمور اجرائية، إذ ارتأى المشرع بما له من سلطة تقديرية، أن
تتخذ اللجنة المؤلفة من خمسة من قضاة محكمة التمييز من غير أعضاء المجلس القضائي،
توصياتها المقدمة لرئيس المجلس بالأغلبية، كما لم يأذن المشرع بالفقرة (هـ)، لعضو
المجلس أن يحضر الاجتماع الذي يبحث فيه موضوع إحالته على التقاعد أو الاستيداع أو
إنهاء الخدمة، ولا نرى فيما نصت عليه، هاتان الفقرتان، مخالفة لأحكام الدستور. وحيث
أن إنهاء خدمة القاضي، الوارد بالقسم الأخير من نص الفقرة (ج)، يستوي في معناه،
وآثاره القانونية والمعنوية، مع الاستغناء عن الخدمة والعزل منها، المنصوص عليهما
في المادة (25) من قانون استقلال القضاء النافذ، والمادة (37) منه، وهو بالتالي
عقوبة مقنعة بحق القاضي. وحيث أن المشرع اشترط في حالتي الاستغناء عن خدمة القاضي،
وعزله من الخدمة، أن يتم ذلك تأديبيا، أي بقرار من مجلس التأديب، وقرار من المجلس
القضائي، وإرادة ملكية سامية ، يكون إنهاء الخدمة، على النحو الوارد بعبـارة (أو
إنهاء خدمته اذا لم يكن مستكملا مدة الخدمة اللازمة، لإحالته على الاستيداع أو
التقاعد )، قد خالف أحكام المادة (97) والفقرة الأولى من المادة (98)، والفقرة
الأولى من المادة (128) من الدستور، مما يتقرر الحكم بعدم دستورية عبارة (أو إنهاء
خدمته اذا لم يكن مستكملا مدة الخدمة اللازمة، لإحالته على الاستيداع أو التقاعد )
الـواردة في القسم الأخير من الفقرة (ج) من المادة (15) من قانون استقلال القضاء
رقم (29) لسنة (2014).